الجمعة، 6 مايو 2022

ديوان بنات أفكاري للشاعر حميد القاضي


عفة وإباء

يادار عبلة خَبّرِي عنْ أصْلِهِ

هلْ كان يقبلُ بالفجورِ أريبُ؟

هلْ كانَ عنتر يستبيحُ محارم

ويبيعها. بسفاهةٍ. ويَؤوْبُ؟

سقط الحياءُ وقدْ أرَادوا نَزْعَهُ

والقبحُ وحشٌ للهوى منسوبُ

فتنٌ أتتْ مطليةٌ بِتَحَرْرٍ

تَئدُ. الحياةَ. بفعلها تَخْرِيْبُ

فالْفُحْشُ يولغُ. سمّهُ بِنَتَانَةٍ

ولوافحٍ مثل السعير تذيبُ

ما عاد. يقبل . للبغاءِ. محبّةً

إنّ الحبيبَ إلى الحبيبِ نَسِيْبُ

(ما استمت أنثى نفسها في موطنٍ)

خُلُقٌ. كَريمٌ. إنْ رعاهُ. يطيبُ

هي درةٌ مكنونةٌ. ومصانةٌ

يتنادمان حبيبةٌ. وحبيبُ

تشفي بِرَيّا ريقها عطشى الدّنا

قَيْدُ العذارى خدرها تَهْذِيْبُ

نظرَ السقيمُ إلى مصائب دهرهِ

بِقَتَامَةٍ . تَدَعِ الحليم. كئيبُ

زعمَ الهمامُ بأنّ فيها عيشهُ

فَتَهَتّكَتْ بِلَهِيْبِهَا تَجْدِيْبُ

لا واردٌ منها يجيءُ بِعِفِةٍ

كلّا ولا. في قُبْحِها تَرْحِيْبُ

أسَفِي على منْ يَسْتَبيحُ محارم

ويَظنّ عَبْلَةَ . عن سواهُ قشيبُ

يا صاحِ إنّ الحُبّ أسمى غايةٍ

عَذْبُ. الوصالِ من المُحِبّ قريبُ

كُنْ بَلْسَمَاً مُتَفَانِيَاً. لِحَبِيْبةٍ

إنّ. الأريبَ لمنْ يحبُ. طبيبُ

  ابو عزام القاضي

حب ضائع

أجدبتْ من بعادها ذكرياتي

وارتوتْ من رحيقها أمنياتٍ

إن تذكرتُ نورها في جبيني

أسْبَلتْ. دمعتي فزادَتْ شتاتي

أو تناسيتُ طيفها في حنايا

أضلعي كمْ تجاذبَتْ حشرجاتي

كلّما مرّ سربُ ظبيٍ. بقربي

زاد شجوي واستجوبتها. هباتي

من لقلبي يعيدُهُ مِن شُرُودٍ

أو يواسي أيام عمري وذاتي

همْتُ يوماً رأيتُ صقْراً كئيباً

يشتكي مِنْ سنينهِ المُجدباتِ

قُلْتُ مِثْلي في فُرْقَةٍ واشْتِياقٍ

تاه بعضي وفيك جَفّتْ فُرَاتي

كُنْ شبيهي أراكَ تبكي شريدا

قال خلّي فِرَاشُهُ من رفاتي

هامَ وجدي ناوحتُ لحني طروباً

صغتُ دَوْحي فاستعبرتْ زقزقاتي

يا عبير الرياحِ هذا سلامي

نَادِمِيْهَا فَإنّ فِيْهَا نَجَاتِي

يا نسيم الصباح مَنْ ذا رآها ؟

فارقتني واستوسدتْ همهماتي

أقْفَرَتْ مِنْ أطلالها غانياتٌ

واستناختْ في خِدرِها مُغرياتي

كم تصابيتُ في مراعي حِماها

أعْشَبَتْ في ظِلَالِها حوقلاتي

يا رعاها مآثِرٌ في ديارٍ

فارقتها. فناح ماضٍ وآتٍ

ها أنا صرتُ مُخْبِتَاً مثل شيخٍ

يتهادى . حياتهُ كالمماتِ

ابو عزام القاضي

.شاعر بائس

هدّتهُ أوزارً فكان كمن رأى

في حلمهِ أوهامُ طيش صنيعهِ

هي لحظةٌ ذابتْ بها أوصالهُ

وتمنّعت أوتار لحن ربيعهِ

هو من يبيتُ وقد توسّد هَمّهُ

وتجاذب الأدباء زهرَ بديعهِ

أمسى يراودُ فنّهُ متثاقلاً

وتجرّهُ ألأبيات مثل قطيعهِ

ناحت عليه قصائدٌ ومناقبٌ

وبكى الشتاءُ ببردهِ. وصقيعهِ

سكنتْ جذور الشمسِ في أحشائهِ

وتثاقلتْ أحلامُ ليل رجوعهِ

كمْ كان. يحلمُ أن يرى آمالَهُ

تسمو إلى عليائهِ بخشوعهِ

ياليل حدّث عن صنيعِ فِعَالهِ

هلْ كان يسقي حلمهُ بدموعهِ؟

أم كان يحلم بالبقاءِ. لبرهةٍ

يقتاتُ من ألمٍ ينوءُ بجوعهِ؟

أنا يا زمان القهر من أكسبتهُ

نوح القوافي تزدهي بربوعهِ

ماكان يرضى بالحياةِ رخيصةً

ليهادن الأوجاعَ بين ضلوعهِ

  ابو عزام القاضي

شجو محب

زهورُ حبي بَدَتْ في غايةِ الْأنَقِ

ونسنستْ برهةً تشدو معَ الغسقِ

تراقصتْ وردُ حبي تزْدَهي حُلَلا

وأزهرتْ حمرةً ترنوْ معَ. الشفقِ

إنّي تَطَرّبْتُ حتى مسّني سقمي

كأنّ ( مجنون ليلى) هُدّ. بالشبقِ

هلْ ترحمُ الصبَّ إنِّي هدّني كلفي؟

قَدْ ذُبْتُ من لَوْعَتي مُسْتَوْسِدَاً أرَقي

يا منْ تؤآنسهُ آهَاتُ خُلَّتَهِ

رِفْقَاً حَنَانيكَ. إنّي لَسْتُ ذا مَلَقِ

إنْ أقْبَلَ الليلُ أبكتني مآثرها

كأنّ شوقي لها حِبْرٌ على وَرَقِ

أو أزهرَ الصبحُ في دنيا الغرام أنا

شبيهُ طيرٍ جَثَا في ظُلْمَةِ النّفقِ

وَإِنْ تذكرتُ هزجي للقريض لها

زادتْ فؤادي هَيَامَاً لَمْ يَعُدْ يَطِقِ

هَذا حَنِيْني لها أمسى يُرَافِقُهَا

وكلّما جادَ غيْثٌ زاد من حَنَقِي

الغيثُ يسقي يباباً أقْحَلَتْ وأنا

أرْوي بدمعي يُبَاب البعدِ من رَمَقِي

(لاهِ ابن عَمّكَ لا أفْضَلْت في حَسَبٍ)

عَنّي وَإِنْ أرْسَلَتْ زَانَتْ من. الألقِ

ابو عزام القاضي

تأوهات

إنّي أكفكفُ دمعي كلّما انْسَكَبَا

يكاد يقطع بعضي بعضه إربا

أكاد اشرب من رجع الصدى حمما

آهات فيهاشجوني اصْبَحَتْ عطبا

أقتات مِنْ وَجَعٍ قد كنت أكنزهُ

وأسْتَصِيْغُ ضياعي ضاق أو رَحُبَا

ضاقت بلادي ببعضي وهي هائمةٌ

تناسلتها ضباعٌ انجبت خببا

إلى متى يا بلادي تلبسي حزنا

نثرت بين يديك النار والحطبا

مالي شربت من الأوجاع مصغبةً؟

حتّى انقهرت وقهري لم يجد سببا

أنْتِ السعيدة؟ كلاّ لا أظنّ سوى

أنّ اليماني وجوبا يحذر العربا

قُلْنَا الاشقاء فيهم تَنْجَلي فِتَنٌ

فهالنا من فعالٍ أنتجت كذبا

مالي أرى وطني والحربُ تدمغهُ

وَإِنْ سُئلْتُ لماذا ؟ لم أَجِد سببا

ابو عزام القاضي

نجوم القوافي

كَلِفْتُ والكلف تشبيبي وترفيهي

لا تستقيم قصيدي عن مراميهِ

سلوت باللحن في أوتار قافيةٍ

من البحور توالت في مبانيهِ

وأفضل الشدو ما جادالفؤاد به

شحرورهُ. يتباهى في معانيهِ

هذا هو الشعر عند العارفين به

روح الجمال تبدّت من روابيهِ

يعانق الروض في شوقٍ ليطربها

ويرقص الزهر نشوا من تجلّيهِ

رَسَمْتُ لوعةَ حُبّي استجيشُ به

ولذعةُ الْبَيْنِ ناحتْ من مكاويهِ

ارجو سماعي ولا تصغي إلى أحدٍ

وما أنوءُ بهِ باللهِ بثّيْهِ

طوفي بنبع فؤادي وارتوي عبقا

روح المعاناة تقليني وتقليهِ

وكلّما. قلت بعد اليوم لا نَصَبٌ

وجدت نفسي ترسو في ملاهيهِ

مالي أرى لوعتي قدأحرقت كبدي

والبين ينفث سُمّاً انتشى فيهِ

كم يدمع القلب من عشقٍ يهيم بهِ

حبائل البعد تكويني وتكويهِ

ما كان أحوجه للقرب مبتهجا

قد أثقلته ليالٍ أثّرَتْ. فيهِ

ياليل باللهِ هل للفجر منبلجٌ؟

والقربُ أنْجَعُ حلٍ من يضاهيهِ؟

ابو عزام القاضي

بسمة الصبح

انتشى الصبح يزدهي في علاها

والعصافيرُ شدوها قد بهاها

يا نسيم الصباح باللهِ قلْ لي

هلْ تباهت في مشيها أو خطاها

فاحَ كاذي فاستنشقته ورودٌ

إن أتاها من عطرهِ ياهناها

أزهرت في حقولها ذكرياتٌ

قد حباني ربيعها ما حباها

تضحك الشمسُ في جمالٍ بهيجٍ

مثل تِبْرٍ إذا رآها تباها

والغواني تهامست في صباحٍ

أطربتها مناظرٌ مِنْ شذاها

يا صباح الرضا على غصنِ بانٍ

دوح طيرٍ تراقصت من جواها

تعشقُ الغيد سجع لحن المغاني

مطرباتٌ تناغمت من سناها

جاد غيثٌ واستمطرتْ بعد غيمٍٍ

وارتوت من معينها مشتهاها

هاك حبي وفرحتي واشتياقي

وسروري ونشوتي من هواها

إنني هائم بها في سرورٍ

أطربتني مناظرٌ يا حلاها

يارعاها سحائبٌ ممطراتٌ

أسبلت من منابع الحسنِ ماها

يا خفيفاً خفّتْ به الحركاتُ

فاعلاتٌ مستفعلن مبتغاها

ابو عزام القاضي

ترانيم المحب

يا ربيعي أنا بلحني مُغَرّمْ

مثل طيرٍ على هزارٍ تَرَنّمْ

يا فؤادي كسوتُ شعري أريجا

ويراعي إذا تسامى تسنّمْ

وبقيثارتي وشدوي وبوحي

وارتشافي فكان للجرح بلسمْ

والصبابات من جميل القوافي

ردّدتْ سجعها بأشجى وأنْغمْ

والرياحين طيبها في تباهي

وأريجٌ يفوح منها ويشتمْ

والبخورُ الندي مُحَلّى بكاذٍ

ياسيمينٌ يطيبُ والفلّ أعظمْ

صغت فني أهيم في كل روضٍ

عاشقٌ والِهٌ أسيرٌ مُتيّمْ

لاح برقٌ فقلت غيثا كريما

فإذا لمع وجنتيها يُتَرْجَمْ

(أم كلثوم)أطربت من قريضي

(ورياضٌ)من لحن شدوي تفخّمْ

أثملتني مباهجٌ آسراتٌ

لا شبيهٌ إلا هلالٌ إذا تمْ

أشرقت في جبينها أمنياتٌ

ناعس الطرف بالجمال تحكّمْ

أي روحٍ تبادلت في حياءٍ

ونسيم علاك يا عطر منشمْ

زانكِ الله عفّةً في بهاءٍ

وسهيل) لمّا رناكِ تبسّمْ)

أنت شمسٌ مضيئةٌ في صباحٍ

هاك حبي إليك بالمسك يختمْ

كم تثنّتْ قدودها رافلاتٍ

يارعاها حورية اللحمِ والدمْ

لو تباهت بثغرها في دلالٍ

أو تثنّتْ تكون أغنى وأكْرَمْ

مشيها يشبهُ السحابَ بريثٍ

صوتُ حادٍ رنا وفيها تجشّمْ

جمّلَ الله حُسْنها بابتهاجٍ

وعفافٍ فكان أحلى وأسلمْ

ضبي(صنعاء) سامقٌ ياحلاهُ

قد سلاني بمبسمٍ حين تمتمْ

لوْ أطلّتْ من (رأس عيبان)يوماً

في سرورٍ تكونُ أنقى وأحلمْ

ابو عزام القاضي

أهازيج

ضحكتْ بساتينُ الرّبيعِ بِبَهْجةِ

وَزَهَتْ رياحينُ الورودِ بِنَشْوَةِ

نسنسْ نسيمُ الصبحِ في حدقاتها

وغدا الثرا مُتَبَاهِيَاً كالنّسْمةِ

بَسُمَتْ حَمَامُ السعدِ منْ دَوْحاتِهَا

وتجاذبتْ رَقَصَاتُهَا بِالْخِلْوَةِ

تَتَنَاغمُ الألحانُ في وكُنَاتِهَا

في حليها. بِتَبَخْتُرٍ كَالْوَرْدَةِ

تتمايلُ الواحَاتُ في الفجرِ النّدِي

كتمايلِ الغصنِ الرطيبِ الْمُخْبِتِ

طَرُبَتْ زهورُ التّيْنِ عند قِطَافِها

وتهامستْ وَجَنَاتُهَا بالْفَرحةِ

بالفلّ والكاذي بدتْ بِتَجَمّلٍ

قمريةٌ سعدت بطيب الرّشْفَةِ

شمسُ البكورِ تضاحكتْ بِشَرَاهَةٍ

يهفو لها عَبَقُ الصباحِ بِلَوْعَةِ

وترى الندى من وردةٍ مُتَبَسْمَاً

يحيي نفوسَ العاشقين بِلَهْفَةِ

 

ابو عزام القاضي

أنا والشعر

جميلُ القولِ أسمى ما تمنَّى

ومِن رجزِ القصيدِ يصيغُ فنَّاً

ويطفئُ مِن هزيجِ الشعرِ ناراً

وينسجُها مِن القلبِ المعنّى

يسامرُها فتصغي في بهاءٍ

وتسعدُهُ إذا مرّتْ بمغنى

ومِن نهجِ البلاغةِ يكتسيها

وهل علمُ البيانِ بهِ تهنَّى؟

وفِي علمِ العروضِ غصونُ بانٍ

مفاعيلن وأنغامٌ عزفْنَا

تطاوعني بألفاظٍ عِذَابٍ

أيا علمَ البديعِ بكَ انطَرَبنا

إذا احتفى الربا في غُصْن بانٍ

أُنادي البينَ أنًا قد وصلنا

أناوحُها وتأتي في إباءٍ

تباريحُ الجوى بانتْ وبِنّا

وإنّي إن أردتُ لها فِراقاً

بأشواقٍ وأشجانٍ حَزِنَّا

وإن ضاحكتُها ترنو لحالي

بطرفٍٍ ناعسٍ تزدانُ حُسْناً

ألا ياليلُ لم أطفئْ سراجي

أسامرُ ربّةَ الكفِّ المحنّى

وكم مِن ليلةٍ جادتْ بوصلٍ

ومِِن أطيافِها قالتْ وقلْنا

وفِي تلكَ الروابي ناوحتْنا

حمامُ الدورِِ بالألحانِ غَنّى

نسيمُ الشعرِ يأتيني طروباً

فَيَا للهِ كم زهرٍ قطفْنا

أنا ياصاحِ لم أطربْ لِقَدٍ

لباسُ الشعرِ أغلى ما ملكْنا

أبو عزام 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق